«جامع الزيتونة»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
سطر 2: سطر 2:
 
اشتهر في كتب التاريخ وفي الدراسات الحديثة أنّ ابتداء تأسيس هذا الجامع كان على يد عبد الله بن الحبحاب، وذهب آخرون إلى أنّ إنشاء هذا الجامع يعود إلى [[حسان بن النعمان الغساني]] فاتح تونس و[[قرطاج]] في حدود سنة (79هـ/699م). ويرى كلّ من [[ابن أبي دينار]] ومحمد ابن الخوجة أنّ جماعة المسلمين الأوّل ب[[إفريقية]] لم يكن لديهم مسجد جامع للصلوات في ما بين قدوم حسان وولاية [[عبيد الله بن الحبحاب]]. ويقول محمد العزيز بن عاشور إنّ" دور ابن الحبحاب تحدّد في إتمام عمارة الجامع والزيادة في ضخامته، وربّما في طاقته الدفاعية إذ كان [[جامع الزيتونة]] مشرفا على البحر المسيطر عليه وقتئذ أسطول الروم"، ويرجح أنّ يكون ابن الحبحاب استعان في هذا العمل بخبرة الفنّيين الأقباط الذين أرسلهم إليه والي مصر بإذن من عبد الملك بن مروان قصد بناء "دار الصناعة" وهو رأي ابن عذاري في كتاب المغرب في ذكر [[إفريقية|إفريقيّة]] والمغرب والبكري في المسالك والممالك.
 
اشتهر في كتب التاريخ وفي الدراسات الحديثة أنّ ابتداء تأسيس هذا الجامع كان على يد عبد الله بن الحبحاب، وذهب آخرون إلى أنّ إنشاء هذا الجامع يعود إلى [[حسان بن النعمان الغساني]] فاتح تونس و[[قرطاج]] في حدود سنة (79هـ/699م). ويرى كلّ من [[ابن أبي دينار]] ومحمد ابن الخوجة أنّ جماعة المسلمين الأوّل ب[[إفريقية]] لم يكن لديهم مسجد جامع للصلوات في ما بين قدوم حسان وولاية [[عبيد الله بن الحبحاب]]. ويقول محمد العزيز بن عاشور إنّ" دور ابن الحبحاب تحدّد في إتمام عمارة الجامع والزيادة في ضخامته، وربّما في طاقته الدفاعية إذ كان [[جامع الزيتونة]] مشرفا على البحر المسيطر عليه وقتئذ أسطول الروم"، ويرجح أنّ يكون ابن الحبحاب استعان في هذا العمل بخبرة الفنّيين الأقباط الذين أرسلهم إليه والي مصر بإذن من عبد الملك بن مروان قصد بناء "دار الصناعة" وهو رأي ابن عذاري في كتاب المغرب في ذكر [[إفريقية|إفريقيّة]] والمغرب والبكري في المسالك والممالك.
 
وفي خصوص تسمية هذا الجامع ب[[جامع الزيتونة]]، فالروايات قد اختلفت، فمنها ما ذهب إلى أنّ الجامع بني في موضع كان مشجرا بالزياتين، قطعت كلّها ولم تبق إلاّ زيتونة واحدة في وسط ساحة الجامع فسمي بها. ومنها أنّ المسلمين عند فتحهم [[قرطاج]] وجدوا زيتونة منفردة في موضع المسجد فقالوا هذه تونس، وسمّي المسجد ب[[جامع الزيتونة]]. وتزعم رواية مسيحيّة أنّ الجامع شيّد بالقرب من كنيسة قديمة كانت تضمّ رفاة القديسة أوليف أي زيتونة. وأوّل محاولة في تطوير هذا الجامع من الناحية المعماريّة والهندسيّة كانت لأمراء الدولة الأغلبيّة في القرن الثالث للهجرة (9م) فقد ضخّموا بناية الجامع ووسعوا مساحته مع تحسين هندسته وإدخال بعض الزخارف عليه إلى درجة بدا على هيئة جديدة كأّنها إعادة بناء. وقد قال العلامة [[حسن حسني عبد الوهاب]] في "ورقاته":
 
وفي خصوص تسمية هذا الجامع ب[[جامع الزيتونة]]، فالروايات قد اختلفت، فمنها ما ذهب إلى أنّ الجامع بني في موضع كان مشجرا بالزياتين، قطعت كلّها ولم تبق إلاّ زيتونة واحدة في وسط ساحة الجامع فسمي بها. ومنها أنّ المسلمين عند فتحهم [[قرطاج]] وجدوا زيتونة منفردة في موضع المسجد فقالوا هذه تونس، وسمّي المسجد ب[[جامع الزيتونة]]. وتزعم رواية مسيحيّة أنّ الجامع شيّد بالقرب من كنيسة قديمة كانت تضمّ رفاة القديسة أوليف أي زيتونة. وأوّل محاولة في تطوير هذا الجامع من الناحية المعماريّة والهندسيّة كانت لأمراء الدولة الأغلبيّة في القرن الثالث للهجرة (9م) فقد ضخّموا بناية الجامع ووسعوا مساحته مع تحسين هندسته وإدخال بعض الزخارف عليه إلى درجة بدا على هيئة جديدة كأّنها إعادة بناء. وقد قال العلامة [[حسن حسني عبد الوهاب]] في "ورقاته":
"...والواقع أنّ هذا التجديد الكليّ هو من عمل الأمير الأغلبي أبي إبراهيم أحمد (242هـ - 249هـ/856م - 864م) وهو ذلك البنّاء الكبير الذي اشتهر باجتهاده في عمارة البلاد وبولوعه لانشاء المعالم العمرانيّة الجليلة منها جوامع [[سوسة]] و[[صفاقس]] وزيادته المعتبرة في مسجد عقبة ب[[القيروان]]... وكان قبل وفاته بقليل أقبل على [[جامع الزيتونة]] ووجّه إليه عناية خاصة".
+
"...والواقع أنّ هذا التجديد الكليّ هو من عمل الأمير الأغلبي أبي إبراهيم أحمد (242هـ - 249هـ/856م - 864م) وهو ذلك البنّاء الكبير الذي اشتهر باجتهاده في عمارة البلاد وبولوعه لانشاء المعالم العمرانيّة الجليلة منها جوامع [[سوسة]] و[[صفاقس]] وزيادته المعتبرة في مسجد عقبة ب[[القيروان]]... وكان قبل وفاته بقليل أقبل على [[جامع الزيتونة]] ووجّه إليه عناية خاصة".وتعدّدت عمليات إصلاح [[جامع الزيتونة]] في العهد الفاطمي (296هـ 362هـ/909م - 973م) على أيدي أمراء الدولة الصنهاجية. وهو ما تجسّد في إنشاء القبّة البديعة فوق البهو والرواق الموجود أمام واجهة الصلاة.
وتعدّدت عمليات إصلاح [[جامع الزيتونة]] في العهد الفاطمي (296هـ 362هـ/909م - 973م) على أيدي أمراء الدولة الصنهاجية. وهو ما تجسّد في إنشاء القبّة البديعة فوق البهو والرواق الموجود أمام واجهة الصلاة.
 
 
أمّا أكبر الاصلاحات والتحسينات العمرانيّة فقد أدخلت على هذا الجامع في أثناء العهد الحفصي إذ يذكر محمد ابن الخوجة في كتابه معالم التوحيد "أنّ سلاطين بني حفص شملوا في مدتهم [[جامع الزيتونة]] بعنايتهم، فالسلطان المستنصر بالله جلب إلى قصره بأريانة حيث بستانه المعروف برياض [[أبو فهر|أبي فهر]] ماء [[زغوان]] في سنة 648هـ/1250 وأجرى منه قناة لساقية [[جامع الزيتونة]]".
 
أمّا أكبر الاصلاحات والتحسينات العمرانيّة فقد أدخلت على هذا الجامع في أثناء العهد الحفصي إذ يذكر محمد ابن الخوجة في كتابه معالم التوحيد "أنّ سلاطين بني حفص شملوا في مدتهم [[جامع الزيتونة]] بعنايتهم، فالسلطان المستنصر بالله جلب إلى قصره بأريانة حيث بستانه المعروف برياض [[أبو فهر|أبي فهر]] ماء [[زغوان]] في سنة 648هـ/1250 وأجرى منه قناة لساقية [[جامع الزيتونة]]".
 
وقال صاحب كتاب "مسامرات الظريف": إنّ السلطان يحيى بن المستنصر المذكور كسا الجامع وحسنه في سنة 676هـ/1277م. ثمّ في عام 716هـ/1316م أمر السلطان زكرياء بعمل عوارض وأبواب من خشب لبيت الصلاة. أمّا السلطان أبو عبد الله محمد الحفصي فقد أنشأ فيه المقصورة التي بصحن الجنائز وبنى السبيل التي تحتها على رأس المائة العاشرة.
 
وقال صاحب كتاب "مسامرات الظريف": إنّ السلطان يحيى بن المستنصر المذكور كسا الجامع وحسنه في سنة 676هـ/1277م. ثمّ في عام 716هـ/1316م أمر السلطان زكرياء بعمل عوارض وأبواب من خشب لبيت الصلاة. أمّا السلطان أبو عبد الله محمد الحفصي فقد أنشأ فيه المقصورة التي بصحن الجنائز وبنى السبيل التي تحتها على رأس المائة العاشرة.

مراجعة 14:01، 29 ديسمبر 2016

يرتبط تأسيس جامع الزيتونة وأطوار تشييده وإصلاحه بتاريخ تونس مجتمعا وثقافة وفكرا ومعتقدا، ذلك أنّه كلما تطورت في أنماط الحياة وأنظمة الاجتماع والعمران كان لتطوّرها صدى في هذا الجامع سواء في هيئته وكيانه المعماري، أو في نظام تعليمه ومناهج التدريس فيه، كما أنّه كلّما ازدهرت حياة الفكر والعلم بهذا الجامع، وتعمّقت دوائر الدرس والبحث فيه انعكس ذلك على المناخ الاجتماعي والثقافي والسياسي في تونس وسائر النطاق الاسلامي المجاور لها. اشتهر في كتب التاريخ وفي الدراسات الحديثة أنّ ابتداء تأسيس هذا الجامع كان على يد عبد الله بن الحبحاب، وذهب آخرون إلى أنّ إنشاء هذا الجامع يعود إلى حسان بن النعمان الغساني فاتح تونس وقرطاج في حدود سنة (79هـ/699م). ويرى كلّ من ابن أبي دينار ومحمد ابن الخوجة أنّ جماعة المسلمين الأوّل بإفريقية لم يكن لديهم مسجد جامع للصلوات في ما بين قدوم حسان وولاية عبيد الله بن الحبحاب. ويقول محمد العزيز بن عاشور إنّ" دور ابن الحبحاب تحدّد في إتمام عمارة الجامع والزيادة في ضخامته، وربّما في طاقته الدفاعية إذ كان جامع الزيتونة مشرفا على البحر المسيطر عليه وقتئذ أسطول الروم"، ويرجح أنّ يكون ابن الحبحاب استعان في هذا العمل بخبرة الفنّيين الأقباط الذين أرسلهم إليه والي مصر بإذن من عبد الملك بن مروان قصد بناء "دار الصناعة" وهو رأي ابن عذاري في كتاب المغرب في ذكر إفريقيّة والمغرب والبكري في المسالك والممالك. وفي خصوص تسمية هذا الجامع بجامع الزيتونة، فالروايات قد اختلفت، فمنها ما ذهب إلى أنّ الجامع بني في موضع كان مشجرا بالزياتين، قطعت كلّها ولم تبق إلاّ زيتونة واحدة في وسط ساحة الجامع فسمي بها. ومنها أنّ المسلمين عند فتحهم قرطاج وجدوا زيتونة منفردة في موضع المسجد فقالوا هذه تونس، وسمّي المسجد بجامع الزيتونة. وتزعم رواية مسيحيّة أنّ الجامع شيّد بالقرب من كنيسة قديمة كانت تضمّ رفاة القديسة أوليف أي زيتونة. وأوّل محاولة في تطوير هذا الجامع من الناحية المعماريّة والهندسيّة كانت لأمراء الدولة الأغلبيّة في القرن الثالث للهجرة (9م) فقد ضخّموا بناية الجامع ووسعوا مساحته مع تحسين هندسته وإدخال بعض الزخارف عليه إلى درجة بدا على هيئة جديدة كأّنها إعادة بناء. وقد قال العلامة حسن حسني عبد الوهاب في "ورقاته": "...والواقع أنّ هذا التجديد الكليّ هو من عمل الأمير الأغلبي أبي إبراهيم أحمد (242هـ - 249هـ/856م - 864م) وهو ذلك البنّاء الكبير الذي اشتهر باجتهاده في عمارة البلاد وبولوعه لانشاء المعالم العمرانيّة الجليلة منها جوامع سوسة وصفاقس وزيادته المعتبرة في مسجد عقبة بالقيروان... وكان قبل وفاته بقليل أقبل على جامع الزيتونة ووجّه إليه عناية خاصة".وتعدّدت عمليات إصلاح جامع الزيتونة في العهد الفاطمي (296هـ 362هـ/909م - 973م) على أيدي أمراء الدولة الصنهاجية. وهو ما تجسّد في إنشاء القبّة البديعة فوق البهو والرواق الموجود أمام واجهة الصلاة. أمّا أكبر الاصلاحات والتحسينات العمرانيّة فقد أدخلت على هذا الجامع في أثناء العهد الحفصي إذ يذكر محمد ابن الخوجة في كتابه معالم التوحيد "أنّ سلاطين بني حفص شملوا في مدتهم جامع الزيتونة بعنايتهم، فالسلطان المستنصر بالله جلب إلى قصره بأريانة حيث بستانه المعروف برياض أبي فهر ماء زغوان في سنة 648هـ/1250 وأجرى منه قناة لساقية جامع الزيتونة". وقال صاحب كتاب "مسامرات الظريف": إنّ السلطان يحيى بن المستنصر المذكور كسا الجامع وحسنه في سنة 676هـ/1277م. ثمّ في عام 716هـ/1316م أمر السلطان زكرياء بعمل عوارض وأبواب من خشب لبيت الصلاة. أمّا السلطان أبو عبد الله محمد الحفصي فقد أنشأ فيه المقصورة التي بصحن الجنائز وبنى السبيل التي تحتها على رأس المائة العاشرة. وفي العهد الحفصي أنشئت بجامع الزيتونة ثلاث قاعات للمحافظة على الكتب، الأولى هي مكتبة أبي فارس عبد العزيز التي بنيت بمجنبة الهلال جوفيّ جامع الزيتونة تحت الصومعة حسب ما ذكره الزركشي في تاريخ الدولتين وكان ذلك سنة 822هـ/1419م. والثانية هي مكتبة أبي عمرو عثمان في مكان المقصورة الجنوبيّة الشرقيّة المعروفة باسم سيدي محرز، وقد هيّئت سنة 854هـ/1450م كما يدلّ على ذلك ما ورد في النقيشة الموجودة فوق الباب: "أمر به الخليفة الامام أبو عمرو عثمان أيّده الله ونصره في عام أربع وخمسين وثمانمائة في رجب". ويقدم لنا محمد العزيز بن عاشور في هذا الشأن بعض التدقيقات: "يحتوي هذا الباب على عناصر هندسيّة وزخرفيّة ازدهرت في ذلك العهد كالقوس المبنية بالرخام الأبيض والأسود المرصف بالتناوب على غرار ما يوجد بجامع القصبة وغيره من المعالم الحفصيّة وكذلك الخشب المنقوش". وتحتوي هذه المكتبة على واجهة جميلة تشرف على سوق الفكّة. أمّا المكتبة الثالثة فهي المكتبة العبدلية، وهي من إنجاز أبي عبد الله محمد (899 - 932هـ/1493 - 1525م)، وقد أوقف الحفصيون على هذه المكتبات أوقافا قامت بضروراتها. ورغم أنّ الفتح العثماني اتّجه إلى إدخال المذهب الحنفي إلى البلاد التونسيّة فإن العناية بالجوامع المالكية وفي طليعتها جامع الزيتونة ما انفكت تتواصل،لا سيما بعد الانتهاكات التي ألحقتها به جيوش الاسبان والتي نالت من حرمته وهيبته. وفي العهد المرادي (1041 - 1114هـ/1630 - 1702م) يذكر محمد ابن الخوجة أنّ الأمير محمد باي المرادي زاد في ارتفاع صومعته ووضع بصحنه الرخامة (مزولة) لتحرير دخول وقت الصلاة وكتب عليها اسمه. وفي سنة (1037 هـ/1627م) بنى إمّام الجامع الشيخ محمد تاج العارفين البكري المجنبة الشرقية وكتب اسمه في سقفها. وذكر محمد العزيز بن عاشور أنّ من أهمّ الانجازات البكرية تجديد الرواق الشرقي وتحسينه وتسقيفه وهو المعروف بصحن الجنائز بأمر من الامام تاج العارفين البكري في أواخر دولة يوسف داي. وتمّت الأشغال سنة 1047هـ/1637م، كما ورد في النقيشة الرخامية التي وضعت داخل الصحن. وكانت عناية الامام تاج العارفين البكري كبيرة بجامع الزيتونة فأمر بتزويق بيت الصلاة وكساء حائط المحراب بالجبس المنقوش بأشكال بديعة. وفي عهد آل البكري جُدّدت بعض سقوف الجامع. ويروى أنّ القطب الصوفي الولي الصالح سيدي أبا الغيث القشاش جدّد سقف بيت الصلاة. وقد تواصلت عادة إسهام الأيمة وغيرهم من أعيان سدنة الجامع في عمرانه زمن العهد الحسيني سواء من ريع الأحباس المخصصة لذلك أو من مالهم الخاص. وضمن الاهتمام الكبير الذي أولاه البايات والأمراء الحسينيون بشؤون الدين ومعالمه الكبرى حظي جامع الزيتونة باهتمام بالغ ظلت مآثره قائمة إلى الان. وأبرز ما أدخل على هذا الجامع من إصلاحات وتحسينات في العهد الحسيني استبدال الصومعة القديمة الحفصية ثم المرادية بصومعة مزخرفة وبديعة تمّ بناؤها باشراف جمعيّة الأوقاف في أواخر القرن التاسع عشر (1312هـ/1894م)، وقد اقتبس شكل هذه الصومعة الجديدة من النمط المغربي الأندلسي. وشهد جامع الزيتونة عناية فائقة في ظلّ حكومة الاستقلال فقد أنيطت بالمعهد الوطني للتراث مهمة الاشراف العلمي على عمليات التّرميم والتحسين. ومن الترميمات التي أنجزت في هذه الفترة تعويض أعمدة تيجان متداعية وتجديد بعض السقوف وإبراز الزخرفة الأصلية داخل القبتين وإبراز الرواق الشرقي ومقصورة أبي عمرو عثمان وتهديم قاعدة المكتبة العبدلية التي جددت في عهد الصادق باي، وذلك قصد إرجاع الجناح الأيمن من الرواق على وضعه الأصلي. أمّا في خصوص نشاط جامع الزيتونة، ومهامه العلمية والدينيّة والثقافيّة فقد تحدّدت في بعدين أساسين إضافة إلى العبادة:

  • التعليم والتثقيف الديني
  • إقامة الشعائر والمواسم الدينيّة.

ولا توجد وثائق مدقّقة عن وضع التعليم في جامع الزيتونة في ما قبل العهد الحفصي، وكلّ ما نعرفه أنّ كبار أئمته أسهموا في بث المذهب المالكي بإفريقيّة وصيّروه المذهب الرسمي للبلاد التونسيّة، وبدأت تتضح معالم حركة التعليم بجامع الزيتونة زمن الحفصيين، إذ كان بعض الشيوخ يجلسون للتدريس بمقصورة الامام. وعرف جامع الزيتونة زمن العهد الحسيني تحوّلات كبرى انعكست في التعليم الذي ما كان ليعرف الاستقرار نظرا إلى التمايزات بين العلماء، بحسب مذاهبهم الفقهية. وقد استصدر المشير أحمد باشا الأوّل أمرا سنة 1842م بشأن ترتيب التعليم بجامع الزيتونة. ثم لمّا تقلّد خير الدين الوزارة الكبرى عرض على الباي إصدار أمر بتنظيم التعليم بالجامع الأعظم.وكان هذا الوزير قد انتخب لجنة من علماء الزيتونة ورجال الدولة لتقرير هذا النظام وتحرير فصوله. وأصدر الباي في عام 1292هـ/1876م أمرا في ترتيب التعليم وقد كان هذا الأمر مشتملا على 67 فصلا مبوبة كالاتي:

العلوم التي تدرس بالجامع الأعظم

قال محمد بن عثمان الحشايشي في كتابه تاريخ جامع الزيتونة :ومازال الوزير خير الدين مهتمّا بأمر جامع الزيتونة إلى أنّ رتّب قانونه الجديد... وفوّض أمر إجرائه إلى المشايخ النظّار وأعانهم بنائبين انتخبهما من بين ظهرانيهم وهما من أعيان المدرسين وأحدهما الان شيخ الاسلام". أمّا العلوم فهي: التفسير والحديث والكلام والقرآن والمصطلح والفقه الحنفي والمالكي والفرائض والتصوف والميقات والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع واللغة والاداب والسير والتاريخ والرسم والخط والعروض والقوافي والمنطق وآداب البحث والحساب والهندسة والمساحة والهيئة.

وأمّا الكتب، فكتب الرتبة العليا هي:

تفسير القاضي البيضاوي وتفسير الجلالين والموطأ وصحيحا البخاري ومسلم والشفاء للقاضي عياض والمواهب اللدنية والمواقف للايجي والعقيدة الكبرى للسنوسي ومقدمة القسطلاني والتوضيح ومختصر ابن الحاجب وجمع الجوامع والكنز ومختصر خليل ابن اسحاق وإحياء الغزالي والمفتاح للسكاكي والمطول لسعد الدين والمزهر للسيوطي وفقه اللغة للثعالبي والسيرة الكلاميّة وكتاب العبر لابن هشام والمنية والتذكرة ومقالات إقليدس.

وأمّا الكتب التي في المرتبة الوسطى فهي

الأربعون النووية، والشمائل للترمذي والعقيدة الوسطى للسنوسي، والشاطبية وألفية العراقي والمنار والتنقيح للقرافي والورقات لامام الحرمين والدر المختار وتحفة بن عاصم ولامية الزقاق والسراجية والرحبية والدرة البيضاء والحكم لابن عطاء الله السكندري والطريقة المحمدية ومنظومة ابن غانم ورسالة سبط المارديني وألفية ابن مالك ولامية الأفعال والشامية والزنجاني والتلخيص ورسالة السمرقندي ورسالة الوضع ومقامات الحريري والعمدة لابن رشيق وقصيدة كعب بن زهير والهمزية والبردة والقرماني والمطالع النصرية، ونظم الخرّاز والخزرجيّة، والتهذيب لسعد الدين التفتازاني، ومختصر السوسي والقوانين والمرشد لابن الهايم والقلصادي وأشكال التأسيس والجغميني. وأمّا كتب الرتبة الثالثة فهي: الجزريّة، والصغرى، والقدوري، والشيخ حسن، ورسالة ابن أبي زيد، والمرشد المعين، والعشماوية، والسوسي، والأجرومية، وقطر الندى، وايساغوجي، والنخبة الحسابيّة.ويتعلق الفصل الثاني من الأمر الذي أصدره الوزير خير الدين بشؤون المدرسين والطلبة والثالث بأعمال المشايخ والنظّار والرابع بطريقة تنظيم الامتحانات في آخر السنة.يعدّ جامع الزيتونة على مرّ تاريخه من أكثر المعالم الدينيّة التي انفردت بإقامة الشعائر وإحياء المواكب الدينيّة، وتستمرّ به تلاوة القرآن ورواية الحديث النبوي على امتداد اليوم.

أشهر من تولّى الخطابة في جامع الزيتونة

الشيخ إبراهيم عبد الرفيع

الشيخ إبراهيم البسيلي

الشيخ عمر عبد الرفيع

الشيخ محمد بن عرفة الورغمي

الشيخ عيسى الغبريني

الشيخ أبو القاسم البرزلي

الشيخ أبو القاسم القسنطيني

الشيخ عمر القلشاني

الشيخ محمد بن عمر المسراتي القروي

الشيخ محمد المسراتي

الشيخ محمد بن عقاب

الشيخ محمد الونشريسي

الشيخ محمد البحيري

الشيخ أحمد القلشاني

الشيخ أحمد المسراتي

الشيخ محمد القلشاني

الشيخ محمد الرصاع

الشيخ محمد بن عصفور

الشيخ أبو الفضل بن أبي القاسم البرشكي

الشيخ محمد بن سلامة

الشيخ محمد الأندلسي

الشيخ أبو يحيى الرصّاع

الشيخ محمد تاج العارفين البكري

الشيخ علي البكري

الشيخ أبو بكر البكري

الشيخ أبو الغيث البكري

الشيخ علي الرصّاع

الشيخ أبو الحسن البكري

الشيخ حمودة البكري

الشيخ حمودة الريكلي الأندلسي

الشيخ عثمان البكري

الشيخ حسن الشريف

الشيخ محمد الشريف

الشيخ إبراهيم الرياحي

الشيخ صالح الكواش

الشيخ محمد الفاسي

الشيخ محمد الطيّب الرياحي

الشيخ علي الرياحي

الشيخ حمودة محسن

الشيخ علي محسن

الشيخ محمد محسن

الشيخ علي محسن الثاني

الشيخ صالح النيفر

الشيخ محمدالشريف