أحمد الغطاس

من الموسوعة التونسية
نسخة 16:30، 18 جانفي 2017 للمستخدم Bhikma (نقاش | مساهمات)

(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى: تصفح، ابحث

[1875 - 1926م]

نحسب أنّه أوّل محام تونسي تخرّج في جامعات فرنسا. ولد سنة 1875 وتخرّج في معهد كارنو الذي كان يسمّى سان شارل وأصبح اليوم يسمّى معهد بورقيبة. درس العربية حتى أتقنها وأصبح يعدّ من الأدباء فيها، يحرّر بها كما يحرر بالفرنسيّة. وعرفته قاعات المحاكم محاميا حاذقا ذلق اللسان يعتني بأمر قضاياه وبإعداد ملفّاتها على نحو مرضيّ حتّى أحرز ثقة القضاة والخصوم. وإلى جانب ذلك سخّر نفسه في خدمة الثقافة وانضمّ إلى هيئة الجمعية الخلدونية أستاذا محاضرا مع جماعة من خيرة علماء العصر، أمثال البشير صفر وعلي بوشوشة ومحمّد بن الخوجة ومحمد الأصرم، وأسهم في إغناء مكتبتها بما كان يجمعه من كتب مهداة من المتبرّعين.

ولمّا فكّرت الدولة في وضع مدوّنة مدنيّة تضعها بين يدي القضاة لتطبّقها في المحاكم، كلّفت أحد رجال القانون الغربيّين بوضع لائحة لهذه المدونة فوضعها بالفرنسيّة، ثم تكوّنت لجنة علميّة فقهيّة للنظر في هذه اللائحة ووضعها في صيغتها النهائية حتى يصدر الأمر بإدراجها والعمل بها. وقد كانت هذه اللجنة مؤلّفة من عدة فقهاء وعلماء من جامع الزيتونة لهم تضلّع فقهي يساعد على هذا الوضع وإلى جانبهم فقهاء في القانون من أهل التخصّص والمعرفة. وأسندت رئاستها إلى سماحة شيخ الاسلام محمود بن الخوجة مع ترجمة موجزة تولاّها موظّف سام بالعدليّة هو الشيخ محمّد المعتمري الذي كان وقتئذ يرأس قسم تنفيذ الأحكام. ولما اجتمعت اللجنة رأت أنّها في حاجة أكيدة إلى ترجمة بنود اللائحة بدقّة من قبل رجل يحذق اللسانين العربي والفرنسي مع معرفة ضليعة في المادة القانونيّة. وكانت للمحامي أحمد الغطّاس سمعة في هذا الميدان تؤهّله للقيام بهذه المهمّة فانتدب للقيام بهذا العمل، ولبّى الطلب. واجتمعت اللجنة بدار ابنة شيخ الإسلام بتربة الباي، وعقدت جلسات متكرّرة متعدّدة ونقل الأستاذ الغطّاس بنود اللائحة مشافهة ودوّنها أحد أعضاء اللجنة.

وكانت مناقشة موادّ المجلّة التي ترجمت حينها تجري في تلك الجلسة. والظاهر أنّ الأستاذ الغطّاس لم يكن يبخل بإبداء رأيه خاصة أنّ من الأعضاء من يتجاوب معه ممن يحسن اللغتين. ودام الأمر هكذا مدّة عام ونصف. وتمكّن أعضاء اللجنة أخيرا من وضع بنود اللاّئحة بالعربيّة منحوتة نحتا واضحا من الفقه والتشريع الاسلامي لا ارتباط لها باللائحة الفرنسيّة إلا في بعض الجوانب. وكان لجهود المحامي الأستاذ الغطّاس فضل في هذا العمل والانتاج لا ينكر. وقد استقينا هذه المعلومات من علمين جليلين عاشا في تلك الفترة وعاينا أحداثها هما العلاّمة الشيخ سيدي علي بن الخوجة نجل رئيس اللجنة والحقوقي المؤرخ الأستاذ الطاهر السنوسي المحامي المعروف والمؤلف الشهير. وتوفّي الأستاذ أحمد الغطّاس سنة 1926.