«محمد زين العابدين شمام»: الفرق بين المراجعتين

من الموسوعة التونسية
اذهب إلى: تصفح، ابحث
 
(4 مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر 1: سطر 1:
في القرن 3هـ أسس الأمراء الأغالبة رباطا في موضع [[حلق الوادي]] قُبالة الرباط الذي كان موجودا منذ ق1هـ على الضفة المقابلة للقنال ويعرف برباط رادس، وكان ضمن سلسلة من الرباطات على كامل سواحل [[إفريقية]]. وكان رباط [[حلق الوادي]]، المعروف بقصر الأمير في العهد الصنهاجي، يضمن، مع ما جاوره من رباطات، حماية خليج [[تونس]] والمدينة التي ستصبح عاصمة للبلاد إلى حلول ق10هـ تاريخ وصول جيوش شارل الخامس الاسبانية إلى [[حلق الوادي]].والمعروف أن الصراع الاسباني التركي على البحر وعلى الولايات العثمانية قد أدّى إلى هزيمة الأتراك في [[تونس]] سنة 1571م ثم انتصارهم على الاسبان سنة 1574م بقيادة سنان باشا.
+
== مولده ونسبه ==
ولقد أسّس الاسبان ب[[حلق الوادي]]، طيلة مكوثهم حوالي أربعين سنة، مدة حكم شارل الخامس وابنه فيليب الثاني، حول الرباط الاسلامي الأغلبي المربع الشكل قلعة كبيرة وسّعوها في وقت لاحق حتى كانت فيما يبدو تقرب من مكان السكة الحديديّة، ووظّفوا في بنايتهم تلك الحجارة المجلوبة من أنقاض الحنايا الرابطة قديما بين [[زغوان]] و[[قرطاج]]. ولكن الأتراك تمكنوا فيما بعد من تقليص حجم القلعة لتحافظ على حصنين فقط مما بناه شارل الخامس.
+
ولد القاضي محمّد زين العابدين بن محمد البشير شمّام، بتونس العاصمة نهج دار الباشا في جمادى الثانية سنة 1336/مارس سنة 1918 من عائلة شرف وعلم وفضل.
وفي ق17م أصبح ميناء [[حلق الوادي]] الحربي ذا أهمية بالغة بفضل دعم الأندلسيين المهاجرين للأسطول التونسي انتقاما من أعدائهم النصارى وخاصة الاسبان الذين طردوهم من أوطانهم، وكان منهم من برع في الصناعة الحربية وصنع المدفعية والتحكم في السفن.
+
فأبوه هو الشيخ محمد البشير بن محمد شمام من نسل الأشراف حسب شجرة محفوظة لدى العائلة تتضمن الإشاد باتصال نسب رأس العائلة بالنسب الشريف اتصالا مباشرا. وهذه الوثيقة  تحفة "نادرة" في نوعها قد أمضاها من العدول بعقودهم "خنافسهم" سبعون عدلا وحلّاها بختمه وكتابة طويلة نقيب السادة الأشراف بالبلاد الشيخ [[أحمد الشريف]] باش مفتي  المالكية وغيره من المفاتي.
وفي بداية ق18م وسّع حمودة باشا الميناء العربي، لكن الدول الأوروبية حالت دون اكتمال المشروع. ثم جاء أحمد باي لينفق الكثير من أموال الخزينة على أشغال الميناء والقصر الذي ابتناه بجواره. ويبدو أن [[حلق الوادي]] بدأت من ذلك التاريخ تصبح تجمّعا عمرانيا بملامحه المعروفة اليوم. فبفضل الميناء اشتغل السكان بالصيد البحري والتجارة، وانضم إليهم عدد من الأوروبيين وخاصة من جاؤوا من إيطاليا ومالطة، ومنهم القناصل والتجار من أصل أجنبي، فاستقرّوا هناك ليؤلّفوا مزيجا من السكان المسلمين والمسيحيين واليهود. وتشهد مبانيهم الدينية والمدنية على دورهم في تمدين [[حلق الوادي]]، ونخص بالذكر الكازينو المشهور، وما حوله من بنايات إيطالية الطراز، مثل "كنيسة السيدة فطيمة" (Notre Dame de Fatima).
 
تُعتبر [[حلق الوادي]] رمز التعايش بين التونسيين والأجانب بمختلف الأديان والخصائص المعمارية مما لا مثيل له في مدينة تونسية أخرى إذا استثنينا بعض العمارات الايطالية الطابع في [[تونس]] العاصمة وبعض المباني الأوروبية المتناثرة بقلة في المدن الأخرى.
 
وهي اليوم منطقة سياحية آهلة بالسياح والمصطافين على شواطئ الضاحية الشمالية للعاصمة، وهو ما ضاعف عدد السكان بها، خاصة في الصيف، وأكسبها حيوية اقتصادية متميزة في مجال النزل والمطاعم على أرصفة الشوارع الرئيسة وعلى طول الشاطئ. ومن بعيد يبدو البرج المعروف بكراكة [[حلق الوادي]] الذي كان سجنا في عهد البايات الحسينيين والذي أصبح يحتضن مهرجانها رمزا لأصالة المدينة وخاصية مميزة لطبيعتها العسكرية القديمة.
 
  
 +
وهذه الوثيقة الفريدة من نوعها تعدّ مرجعا مهما لخطوط كثير من علماء تونس ولإمضاءات و" خنافس" العدول بها ثمّ كذلك لأختام رجال الشرع من قضاة ومفتين ومشايخ إسلام.
 +
أمّا جدّته لأبيه، فهي ابنة الشيخ محمد المحرزي من ذرية [[محرز بن خلف]] الصدّيقي. وأمّا والدته، فهي فاطمة إبنة [[محمود بن الخوجة]] شيخ الإسلام الحنفي المتوفّى سنة 1911، وخاله و الشيخ الحاج [[علي بن الخوجة]] المفتي الحنفي.
  
[[تصنيف:الموسوعة التونسية]]
+
== نشأته ودراسته والوظائف التي باشرها ==
[[تصنيف:المدن]]
+
حفظ القرآن حفظا جيّدا  بكتّاب حوانيت عاشور على مؤدبه الشيخ علي قدّور ثم بكتّاب نهج الباشا حيث واظب على تكراره وعلى حفظ بعض المتون النحوية والفقهية على الشيخ سيدي عثمان الواكدي. ثم انخرط في سلك طلبة جامع الزيتونة حيث تتلمذ لعلماء من مدرسيه وكذلك بالمدرسة الخلدونية حتى أحرز شهادة التحصيل ثم شهادة العالميّة وانخرط بعد ذلك في سلك طلبة الحقوق إلى أن نال الإجازة فيها.
 +
 
 +
وبعد ذلك شارك في مناظرة انتداب قضاةالعدلية وباشر العمل بالمحكمة الابتدائية بقفصة وبالكاف ثمّ سوسة ثمّ تونس، ومنها انتقل إلى باجة  حيث عيّن رئيسا للمحكمة الابتدائية. وهكذا تدرّج في الخطط القضائية حتّى أصبح الرئيس الأول لدى محكمة اللتعقيب وهي الخطة التي مات وهو يشغلها. وقد كان مثالا للقاضي الحازم النذاشط في كلّ تلك الخطط  التي تقلّب فيها، وكان مرجعا لزملائه وملاذا لهم في كل المشكلات والإشكالات القانونية.
 +
 
 +
ولو كان في الإمكان جمع أحكامه القضائية وتحاريره العلمية والتوجيهية التي كان ينشرها بين زملائه لأمكن الحصول على كتاب ضخم في مجلدات.
 +
ومجلّة " القضاء والتشريع" تزخر بأحكامه القياسيّة وآراءه الصائبة.
 +
 
 +
توفّي أثناء آدائه لمناسك الحج في 14 ذي الحجة 1402هـ/ السادس من ديسمبر سنة 1976.
 +
 
 +
[[تصنيف: الموسوعة التونسية]]
 +
[[تصنيف: القضاء]]

المراجعة الحالية بتاريخ 08:53، 21 فبفري 2017

مولده ونسبه[عدّل]

ولد القاضي محمّد زين العابدين بن محمد البشير شمّام، بتونس العاصمة نهج دار الباشا في جمادى الثانية سنة 1336/مارس سنة 1918 من عائلة شرف وعلم وفضل. فأبوه هو الشيخ محمد البشير بن محمد شمام من نسل الأشراف حسب شجرة محفوظة لدى العائلة تتضمن الإشاد باتصال نسب رأس العائلة بالنسب الشريف اتصالا مباشرا. وهذه الوثيقة تحفة "نادرة" في نوعها قد أمضاها من العدول بعقودهم "خنافسهم" سبعون عدلا وحلّاها بختمه وكتابة طويلة نقيب السادة الأشراف بالبلاد الشيخ أحمد الشريف باش مفتي المالكية وغيره من المفاتي.

وهذه الوثيقة الفريدة من نوعها تعدّ مرجعا مهما لخطوط كثير من علماء تونس ولإمضاءات و" خنافس" العدول بها ثمّ كذلك لأختام رجال الشرع من قضاة ومفتين ومشايخ إسلام. أمّا جدّته لأبيه، فهي ابنة الشيخ محمد المحرزي من ذرية محرز بن خلف الصدّيقي. وأمّا والدته، فهي فاطمة إبنة محمود بن الخوجة شيخ الإسلام الحنفي المتوفّى سنة 1911، وخاله و الشيخ الحاج علي بن الخوجة المفتي الحنفي.

نشأته ودراسته والوظائف التي باشرها[عدّل]

حفظ القرآن حفظا جيّدا بكتّاب حوانيت عاشور على مؤدبه الشيخ علي قدّور ثم بكتّاب نهج الباشا حيث واظب على تكراره وعلى حفظ بعض المتون النحوية والفقهية على الشيخ سيدي عثمان الواكدي. ثم انخرط في سلك طلبة جامع الزيتونة حيث تتلمذ لعلماء من مدرسيه وكذلك بالمدرسة الخلدونية حتى أحرز شهادة التحصيل ثم شهادة العالميّة وانخرط بعد ذلك في سلك طلبة الحقوق إلى أن نال الإجازة فيها.

وبعد ذلك شارك في مناظرة انتداب قضاةالعدلية وباشر العمل بالمحكمة الابتدائية بقفصة وبالكاف ثمّ سوسة ثمّ تونس، ومنها انتقل إلى باجة حيث عيّن رئيسا للمحكمة الابتدائية. وهكذا تدرّج في الخطط القضائية حتّى أصبح الرئيس الأول لدى محكمة اللتعقيب وهي الخطة التي مات وهو يشغلها. وقد كان مثالا للقاضي الحازم النذاشط في كلّ تلك الخطط التي تقلّب فيها، وكان مرجعا لزملائه وملاذا لهم في كل المشكلات والإشكالات القانونية.

ولو كان في الإمكان جمع أحكامه القضائية وتحاريره العلمية والتوجيهية التي كان ينشرها بين زملائه لأمكن الحصول على كتاب ضخم في مجلدات. ومجلّة " القضاء والتشريع" تزخر بأحكامه القياسيّة وآراءه الصائبة.

توفّي أثناء آدائه لمناسك الحج في 14 ذي الحجة 1402هـ/ السادس من ديسمبر سنة 1976.